الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***
{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} {عَبَسَ} النبي صلّى الله عليه وسلم: كلح وجهه {وتولى} أعرض لأجل.
{أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)} {أَن جآءَهُ الأعمى} عبد الله بن أم مكتوم فقطعه عما هو مشغول به ممن يرجو إسلامه من أشراف قريش الذين هو حريص على إسلامهم، ولم يدر الأعمى أنه مشغول بذلك فناداه، علمني مما علمك الله، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته فعوتب في ذلك بما نزل في هذه السورة، فكان بعد ذلك يقول له إذا جاء: «مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ويبسط له رداءه».
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)} {وَمَا يُدْرِيكَ} يعلمك. {لَعَلَّهُ يزكى} فيه إدغام التاء في الأصل في الزاي، أي يتطهر من الذنوب بما يسمع منك.
{أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)} {أَوْ يَذَّكَّرُ} فيه إدغام التاء في الأصل في الذال أي يتعظ {فَتَنفَعَهُ الذكرى} العظة المسموعة منك وفي قراءة بنصب (تنفعه) جواب الترجي.
{أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5)} {أَمَّا مَنِ استغنى} بالمال.
{فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)} {فَأَنتَ لَهُ تصدى} وفي قراءة بتشديد الصاد بإِدغام التاء الثانية في الأصل فيها: تقبل وتتعرض.
{وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)} {وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يزكى} يؤمن.
{وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8)} {وَأَمَّا مَن جآءَكَ يسعى} حال من فاعل جاء.
{وَهُوَ يَخْشَى (9)} {وَهُوَ يخشى} الله حال من فاعل (يسعى) وهو الأعمى.
{فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)} {فَأَنتَ عَنْهُ تلهى} فيه حذف التاء الأخرى في الأصل أي تتشاغل.
{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)} {كَلاَّ} لا نفعل مثل ذلك {إِنَّهَا} أي السورة أو الآيات {تَذْكِرَةٌ} عظة للخلق.
{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)} {فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ} حفظ ذلك فاتعظ به.
{فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13)} {فَى صُحُفٍ} خبر ثان لأنها وما قبله اعتراض {مُّكَرَّمَةٍ} عند الله.
{مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)} {مَّرْفُوعَةٍ} في السماء {مُّطَهَّرَةٍ} منزهة عن مس الشياطين.
{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15)} {بِأَيْدِى سَفَرَةٍ} كتبة ينسخونها من اللوح المحفوظ.
{كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16)} {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} مطيعين لله تعالى وهم الملائكة.
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)} {قُتِلَ الإنسان} لعن الكافر {مَآ أَكْفَرَهُ}؟ استفهام توبيخ، أي ما حمله على الكفر.
{مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18)} {مِنْ أَىِّ شَئ خَلَقَهُ}؟ استفهام تقرير،
{مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)} ثم بينه فقال: {مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} علقة ثم مضغة إلى آخر خلقه.
{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)} {ثُمَّ السبيل} أي طريق خروجه من بطن أمه. {يَسَّرَهُ}.
{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)} {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} جعله في قبر يستره.
{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)} {ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ} للبعث.
{كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)} {كَلاَّ} حقاً {لَمَّا يَقْضِ} لم يفعل {مَآ أَمَرَهُ} به ربه.
{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)} {فَلْيَنظُرِ الإنسان} نظر اعتبار {إلى طَعَامِهِ} كيف قُدِّرَ ودُبِّرَ له.
{أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25)} {أَنَّا صَبَبْنَا المآء} من السحاب {صَبّاً}.
{ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26)} {ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض} بالنبات {شَقّاً}.
{فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27)} {فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً} كالحنطة والشعير.
{وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28)} {وَعِنَباً وَقَضْباً} هو القَتُّ الرطب.
{وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29)} {وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً}.
{وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30)} {وَحَدَآئِقَ غُلْباً} بساتين كثيرة الأشجار.
{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} {وفاكهة وَأَبّاً} ما ترعاه البهائم وقيل التبن.
{مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)} {متاعا} متعة أو تمتيعاً كما تقدم في السورة [33: 79] قبلها {لَّكُمْ ولأنعامكم} تقدم فيها أيضاً.
{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33)} {فَإِذَا جَآءَتِ الصآخة} النفخة الثانية.
{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34)} {يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ}.
{وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35)} {وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ}.
{وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)} {وصاحبته} زوجته {وَبَنِيهِ} يوم بدل من إذا، وجوابها دل عليه.
{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} {لِكُلِّ امرئ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} حال يشغله عن شأن غيره، أي اشتغل كل واحد بنفسه.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38)} {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ} مضيئة.
{ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39)} {ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ} فرحة وهم المؤمنون.
{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40)} {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} غبار.
{تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41)} {تَرْهَقُهَا} تغشاها {قَتَرَةٌ} ظلمة وسواد.
{أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)} {أولئك} أهل هذه الحالة {هُمُ الكفرة الفجرة} أي الجامعون بين الكفر والفجور.
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)} {إِذَا الشمس كُوِّرَتْ} لففت وذهب بنورها.
{وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)} {وَإِذَا النجوم انكدرت} انقضت وتساقطت على الأرض.
{وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3)} {وَإِذَا الجبال سُيِّرَتْ} ذُهِبَ بها عن وجه الأرض فصارت {هَبآءً مُنْبَثاً} [6: 56].
{وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4)} {وَإِذَا العشار} النوق الحوامل {عُطِّلَتْ} تركت بلا راع أو بلا حلب لما دهم من الأمر، ولم يكن مال أعجب إليهم منها.
{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5)} {وَإِذَا الوحوش حُشِرَتْ} جمعت بعد البعث ليقتص لبعض من بعض ثم تصير تراباً.
{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)} {وَإِذَا البحار سُجِّرَتْ} بالتخفيف والتشديد: أوقدت فصارت ناراً.
{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7)} {وَإِذَا النفوس زُوِّجَتْ} قرنت بأجسادها.
{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8)} {وَإِذَا الموءودة} الجارية تدفن حية خوف العار والحاجة {سُئِلَتْ} تبكيتاً لقاتلها.
{بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)} {بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}؟ وقرئ بكسر التاء حكاية لما تخاطب به وجوابها أن تقول: قتلت بلا ذنب.
{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10)} {وَإِذَا الصحف} صحف الأعمال {نُشِرَتْ} بالتخفيف والتشديد فتحت وبسطت.
{وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11)} {وَإِذَا السمآء كُشِطَتْ} نزعت عن أماكنها كما ينزع الجلد عن الشاة.
{وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12)} {وَإِذَا الجحيم} النار {سُعِّرَتْ} بالتخفيف والتشديد أُجّجت.
{وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13)} {وَإِذَا الجنة أُزْلِفَتْ} قربت لأهلها ليدخلوها وجواب إذا أول السورة وما عطف عليها.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)} {عَلِمَتْ نَفْسٌ} أي كل نفس وقت هذه المذكورات وهو يوم القيامة {مَّآ أَحْضَرَتْ} من خير وشر.
{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15)} {فَلآ أُقْسِمُ} لا زائدة {بالخنس}.
{الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)} {الجوار الكنس} هي النجوم الخمسة: زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد، تخنس بضم النون، أي ترجع في مجراها وراءها، بينما ترى النجم في آخر البرج إذْ كَرَّ راجعاً إلى أوله، وتكنس بكسر النون: تدخل في كناسها، أي تغيب في المواضع التي تغيب فيها.
{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)} {واليل إِذَا عَسْعَسَ} أقبل بظلامه أو أدبر.
{وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)} {والصبح إِذَا تَنَفَّسَ} امتد حتى يصير نهاراً بينا.
{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)} {أَنَّهُ} أي القرآن {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} على الله تعالى وهو جبريل أضيف إليه لنزوله به.
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20)} {ذِى قُوَّةٍ} أي شديد القوى {عِندَ ذِى العرش} أي عند الله تعالى {مَّكِينٍ} ذي مكانة متعلق به عند.
{مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)} {مُّطَاعٍ ثَمَّ} أي تطيعه الملائكة في السموات والأَرض {أَمِينٍ} على الوحي.
{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)} {وَمَا صَاحِبُكُمْ} محمد صلى الله عليه وسلم عطف على إنه إلى آخر المقسم عليه {بِمَجْنُونٍ} كما زعمتم.
{وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23)} {وَلَقَدْ رَءَاهُ} رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته التي خُلق عليها {بالافق المبين} البيِّن وهو الأعلى بناحية المشرق.
{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)} {وَمَا هُوَ} أي محمد صلى الله عليه وسلم {عَلَى الغيب} ما غاب من الوحي وخبر السماء {بِظَنِينٍ} أي بمتهم، وفي قراءة (بضنين) بالضاد، أي ببخيل فَيُنقص شيئاً منه.
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)} {وَمَا هُوَ} أي القرآن {بِقَوْلِ شيطان} مسترق السمع {رَّجِيمٍ} مرجوم.
{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)} {فَأيْنَ تَذْهَبُونَ}؟ فأي طريق تسلكون في إنكاركم القرآن وإعراضكم عنه؟.
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27)} {إِنْ} ما {هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ} عظة {للعالمين} الإِنس والجن.
{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)} {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ} بدل من العالمين بإعادة الجار {أَن يَسْتَقِيمَ} باتباع الحق.
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} {وَمَا تَشَآءُونَ} الاستقامة على الحق {إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله رَبُّ العالمين} الخلائق، استقامتكم عليه.
{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)} {إِذَا السمآء انفطرت} انشقت.
{وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2)} {وَإِذَا الكواكب انتثرت} انقضت وتساقطت.
{وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3)} {وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ} فتح بعضها في بعض فصارت بحراً واحداً واختلط العذب بالملح.
{وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)} {وَإِذَا القبور بُعْثِرَتْ} قُلِبَ ترابها وبُعِثَ موتاها وجواب إذا وما عطف عليها.
{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)} 5 {عَلِمَتْ نَفْسٌ} أي كل نفس وقت هذه المذكورات وهو يوم القيامة {مَّا قَدَّمَتْ} من الأعمال {وَ} ما {أَخَّرَتْ} منها فلم تعمله.
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)} {ياأيها الإنسان} الكافر {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم} حتى عصيته.
{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)} {الذى خَلَقَكَ} بعد أن لم تكن {فسواك} جعلك مستوي الخلقة، سالم الأعضاء {فَعَدَلَكَ} بالتخفيف والتشديد، جعلك معتدل الخلق متناسب الأعضاء ليس يد أو رجل أطول من الأخرى.
{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} {فِى أَىِّ صُورَةٍ مَّا} زائدة {شَآءَ رَكَّبَكَ}.
{كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)} {كَلاَّ} ردع عن الاغترار بكرم الله تعالى {بَلْ تُكَذِّبُونَ} أي كفار مكة {بالدين} بالجزاء على الأعمالِ.
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10)} {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين} من الملائكة لأعمالكم.
{كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)} {كِراماً} على الله {كاتبين} لها.
{يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} جميعه.
{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)} {إِنَّ الأبرار} المؤمنين الصادقين في إيمانهم {لَفِى نَعِيمٍ} جنة.
{وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)} {وَإِنَّ الفجار} الكفار {لَفِى جَحِيمٍ} نار محرقة.
{يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15)} {يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها ويقاسون حرَّها {يَوْمَ الدين} الجزاء.
{وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)} {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} بمخرجين.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17)} {وَمَآ أدراك} أعلمك {مَا يَوْمُ الدين}؟.
{ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18)} {ثُمَّ مَا أدراك مَا يَوْمُ الدين}؟ تعظيم لشأنه.
{يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)} {يَوْمَ} بالرفع، أي هو يوم {لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} من المنفعة {والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} لا أمر لغيره فيه، أي لم يُمَكِّنْ أحداً من التوسط فيه بخلاف الدنيا.
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} {وَيْلٌ} كلمة عذاب أو واد في جهنم {لِّلْمُطَفِّفِينَ}.
{الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2)} {الذين إِذَا اكتالوا عَلَى} أي من {الناس يَسْتَوْفُونَ} الكيل.
{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)} {وَإِذَا كَالُوهُمْ} أي كالوا لهم {أَوْ وَّزَنُوهُمْ} أي وزنوا لهم {يُخْسِرُونَ} ينقصون الكيل أو الوزن.
{أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4)} {ألاَ} استفهام توبيخ {يَظُنُّ} يتيقن {أولئك أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ}.
{لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5)} {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} أي فيه وهو يوم القيامة.
{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} {يَوْمَ} بدل من محل ليوم فناصبه مبعوثون {يَقُومُ الناس} من قبورهم {لِرَبِّ العالمين} الخلائق لأجل أمره وحسابه وجزائه.
{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7)} {كَلاَّ} حقاً {إِنَّ كتاب الفجار} أي كتاب أعمال الكفار {لَفِى سِجِّينٍ} قيل هو كتاب جامع لأعمال الشياطين والكفرة، وقيل هو مكان أسفل الأرض السابعة وهو محل إبليس وجنوده.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8)} {وَمَا أدراك مَا سِجّينٌ} ما كتاب سجين؟.
{كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)} {كتاب مَّرْقُومٌ} مختوم.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ}.
{الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)} {الذين يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدين} الجزاء بدل أو بيان لِلْمُكَذبين.
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)} {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ} متجاوز الحد {أَثِيمٍ} صيغة مبالغة.
{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)} {إِذَا تتلى عَلَيْهِ ءاياتنا} القرآن {قَالَ أساطير الأولين} الحكايات التي سطرت قديما جمع «أسطورة» بالضم أو «إسطارة» بالكسر.
{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)} {كَلاَّ} ردع وزجر لقولهم ذلك {بَلْ رَانَ} غلب {على قُلُوبِهِمْ} فغشيها {مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من المعاصي فهو كالصدأ.
{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)} {كَلاَّ} حقاً {إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ} يوم القيامة {لَّمَحْجُوبُونَ} فلا يرونه.
{ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)} {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ الجحيم} لداخلوا النار المحرقة.
{ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)} {ثُمَّ يُقَالُ} لهم {هذا} أي العذاب {الذي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}.
{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18)} {كَلاَّ} حقاً {إِنَّ كتاب الأبرار} أي كتاب أعمال المؤمنين الصادقين في إيمانهم {لَفِى عِلِّيِّينَ} قيل هو كتاب جامع لأعمال الخير من الملائكة ومؤمني الثقلين، وقيل هو مكان في السماء السابعة تحت العرش.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)} {وَمَآ أدراك} أعلمك {مَا عِلِّيُّونَ} ما كتاب عليين؟.
{كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)} هو {كتاب مَّرْقُومٌ} مختوم.
{يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)} {يَشْهَدُهُ المقربون} من الملائكة.
{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)} {إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ} جنة.
{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23)} {على الأرائك} السرر في الحجال {يَنظُرُونَ} ما أعطوا من النعيم.
{تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)} {تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم} بهجة التنعيم وَحُسنه.
{يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25)} {يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ} خمر خالصة من الدنس {مَّخْتُومٍ} عى إنائها لا يفك ختمه إلاّ هم.
{خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)} {ختامه مِسْكٌ} أي آخر شربه يفوح منه رائحة المسك {وَفِى ذلك فَلْيَتَنَافَسِ المتنافسون} فليرغبوا بالمبادرة إلى طاعة الله.
{وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27)} {وَمِزَاجُهُ} أي ما يمزج به {مِن تَسْنِيمٍ} فسر بقوله:
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} {عَيْناً} فنصبه بأمدح مقدراً {يَشْرَبُ بِهَا المقربون} أي منها، أو ضُمِّنَ «يشرب» معنى يلتذ.
{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29)} {إِنَّ الذين أَجْرَمُواْ} كأبي جهل ونحوه {كَانُواْ مِنَ الذين ءَامَنُواْ} كعمار وبلال ونحوهما {يَضْحَكُونَ} استهزاء بهم.
{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30)} {وَإِذَا مَرُّواْ} أي المؤمنون {بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} أي يشير المجرمون إلى المؤمنين بالجفن والحاجب استهزاء.
{وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31)} {وَإِذَا انقلبوا} رجعوا {إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَاكِهِينَ} وفي قراءة «فكِيهنَ» معجبين بذكرهم المؤمنين.
{وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32)} {وَإِذَا رَأَوْهُمْ} رأوا المؤمنين {قَالُواْ إِنَّ هؤلاءآء لَضَآلُّونَ} لإِيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم.
{وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)} قال تعالى: {وَمآ أُرْسِلُواْ} أي الكفار {عَلَيْهِمْ} على المؤمنين {حافظين} لهم ولأعمالهم حتى يردّوهم إلى مصالحهم.
{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)} {فاليوم} أي يوم القيامة {الذين ءَامَنُواْ مِنَ الكفار يَضْحَكُونَ}.
{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35)} {على الأرآئك} في الجنة {يَنظَرُونَ} من منازلهم إلى الكفار وهم يعذبون فيضحكون منهم كما ضحك الكفار منهم في الدنيا.
{هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)} {هَلْ ثُوِّبَ} جوزي {الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} نعم.
{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} {إِذَا السمآء انشقت}.
{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2)} {وَأَذِنَتْ} سمعت وأطاعت في الانشقاق {لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} أي وحق لها أن تسمع وتطيع.
{وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3)} {وَإِذَا الأرض مُدَّتْ} زيد في سعتها كما يمد الأديم ولم يبق عليها بناء ولا جبل.
{وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4)} {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا} من الموتى إلى ظاهرها {وَتَخَلَّتْ} عنه.
{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)} {وَأَذِنَتْ} سمعت وأطاعت في ذلك {لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} وذلك كله يكون يوم القيامة. وجواب «إذا» وما عطف عليها محذوف، دل عليه ما بعده تقديره لقي الإِنسان عمله.
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)} {ياأيها الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ} جاهد في عملك {إلى} لقاء {رَبِّكَ} وهو الموت {كَدْحاً فملاقيه} أي ملاق عملك المذكور من خير أو شر يوم القيامة.
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7)} {فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه} كتاب عمله {بِيَمِينِهِ} هو المؤمن.
{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً} هو عرض عمله عليه كما في حديث الصحيحين وفيه «من نوقش الحساب هلك» وبعد العرض يتجاوز عنه.
{وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)} {وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ} في الجنة {مَسْرُوراً} بذلك.
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10)} {وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه وَرَآءَ ظَهْرِهِ} هو الكافر تغل يمناه إلى عنقه، وَتُخلَعُ يسراه وراء ظهره فيأخذ بها كتابه.
{فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11)} {فَسَوْفَ يَدْعُواْ} عند رؤيته ما فيه {ثُبُوراً} ينادي هلاكه بقوله: يا ثبوراه.
{وَيَصْلَى سَعِيرًا (12)} {ويصلى سَعِيراً} يدخل النار الشديدة. وفي قراءة، بضم الياء وفتح الصاد واللام المشدّدة.
{إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13)} {إِنَّهُ كَانَ فِى أَهْلِهِ} عشيرته في الدنيا {مَسْرُوراً} باتباعه لهواه.
{إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)} {إِنَّهُ ظَنَّ أَن} مخففة من الثقيلة واسمها محذوف، أي أنه {لَّن يَحُورَ} يرجع إلى ربه.
{بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)} {بلى} يرجع إليه {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} عالماً برجوعه إليه.
{فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16)} {فَلآَ أُقْسِمُ} «لا» زائدة {بالشفق} هو الحمرة في الأفق بعد غروب الشمس.
{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)} {واليل وَمَا وَسَقَ} جمع ما دخل عليه من الدواب وغيرها.
{وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)} {والقمر إِذَا اتسق} اجتمع وتم نوره وذلك في الليالي البيض.
{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} {لَتَرْكَبُنَّ} أيها الناس. أصله تركبونن حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال والواو لالتقاء الساكنين {طَبَقاً عَن طَبَقٍ} حال، بعد حال، وهو الموت ثم الحياة وما بعدها من أحوال القيامة.
{فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)} {فَمَا لَهُمْ} أي الكفار {لاَ يُؤْمِنُونَ} أي أيّ مانع لهم من الإِيمان، أو أيّ حجة لهم في تركه مع وجود براهينه؟.
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (21)} {وَ} ما لهم {إِذَا قُرِئ عَلَيْهِمُ القرءان لاَ يَسْجُدُونَ} يخضعون بأن يؤمنوا به لإِعجازه؟.
{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22)} {بَلِ الذين كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ} بالبعث وغيره.
{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23)} {والله أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} يجمعون في صحفهم من الكفر والتكذيب وأعمال السوء.
{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24)} {فَبَشِّرْهُم} أخبرهم {بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} مؤلم.
{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)} {إِلاَّ} لكن {الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} غير مقطوع ولا منقوص ولا يُمَنّ به عليهم.
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)} {والسمآء ذَاتِ البروج} الكواكب اثنا عشر برجاً تقدمت في الفرقان [61: 25].
{وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2)} {واليوم الموعود} يوم القيامة.
{وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)} {وشاهد} يوم الجمعة {وَمَشْهُودٍ} يوم عرفة كذا فسرت الثلاثة في الحديث فالأول موعود به والثاني شاهد بالعمل فيه والثالث تشهده الناس والملائكة، وجواب القسم محذوف صدره، تقديره لقد.
{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)} {قُتِلَ} لعن {أصحاب الأخدود} الشق في الأرض.
{النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5)} {النار} بدل اشتمال منه {ذَاتِ الوقود} ما توقد به.
{إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6)} {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا} أي حولها على جانب الأخدود على الكراسي {قُعُودٌ}.
{وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7)} {وَهُمْ على مَا يَفْعَلُونَ بالمؤمنين} بالله من تعذيبهم بالإلقاء في النار إن لم يرجعوا عن إيمانهم {شُهُودٌ} حضور، رُوي أن الله أنجى المؤمنين الملقين في النار بقبض أرواحهم قبل وقوعهم فيها وخرجت النار إلى من ثَمَّ فأحرقتهم.
{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8)} {وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بالله العزيز} في ملكه {الحميد} المحمود.
{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)} {الذى لَهُ مُلْكُ السموات والأرض والله على كُلِّ شَئ شَهِيدٌ} أي ما أنكر الكفار على المؤمنين إلا إيمانهم.
{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)} {إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين والمؤمنات} بالإِحراق {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} بكفرهم {وَلَهُمْ عَذَابُ الحريق} أي عذاب إحراقهم المؤمنين في الآخرة، وقيل في الدنيا بأن أخرجت النار فأحرقتهم كما تقدم.
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)} {إِنَّ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ذلك الفوز الكبير}.
{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12)} {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ} بالكفار {لَشَدِيدٌ} بحسب إرادته.
{إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13)} {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئ} الخلق {وَيُعِيدُ} فلا يعجزه ما يريد.
{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14)} {وَهُوَ الغفور} للمذنبين من المؤمنين {الودود} المتودد إلى أوليائه بالكرامة.
{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} {ذُو العرش} خالقه ومالكه {المجيد} بالرفع: المستحق لكمال صفات العلو.
{فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)} {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} لا يعجزه شيء.
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17)} {هَلُ أتاك} يا محمد {حَدِيثُ الجنود}.
{فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18)} {فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ} بدل من الجنود واستغنى بذكر فرعون عن أتباعه، وحديثهم أنهم أُهلكوا بكفرهم وهذا تنبيه لمن كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ليتعظوا.
{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19)} {بَلِ الذين كَفَرُواْ فِى تَكْذِيبٍ} بما ذكر.
{وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20)} {والله مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ} لا عاصم لهم منه.
{بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21)} {بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ} عظيم.
{فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)} {فِى لَوْحٍ} هو في الهواء فوق السماء السابعة {مَّحْفُوظٍ} بالجر من الشياطين ومن تغيير شيء منه طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب، وهو من درة بيضاء، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)} {والسماء والطارق} أصله كل آت ليلاً ومنه النجوم لطلوعها ليلاً.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2)} {وَمَا أَدْرَاكَ} أعلمك {مَا الطارق} مبتدأ وخبر في محل المفعول الثاني لأدرى و(ما) بعد (ما) الأولى خبرها وفيه تعظيم لشأن الطارق المفسر بما بعده هو:
{النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)} {النجم} أي الثريا أو كل نجم {الثاقب} المضيء لثقبه الظلام بضوئه وجواب القسم.
{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} بتخفيف «ما» فهي مزيدة وإن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف، أي إنه واللام فارقة وبتشديدها فإن نافية ولمّا بمعنى إلا والحافظ من الملائكة يحفظ عملها من خير وشر.
{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)} {فَلْيَنظُرِ الإنسان} نظر اعتبار {مِمَّ خُلِقَ} من أي شيء؟.
{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6)} جوابه {خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ} ذي اندفاق من الرجل والمرأة في رحمها.
{يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} {يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب} للرجل {والترائب} للمرأة وهي عظام الصدر.
{إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)} {إِنَّهُ} تعالى {على رَجْعِهِ} بعث الإِنسان بعد موته {لَقَادِرٌ} فإذا اعتبر أصله علم أن القادر على ذلك قادر على بعثه.
{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9)} {يَوْمَ تبلى} تختبر وتكشف {السرائر} ضمائر القلوب في العقائد والنيات.
{فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)} {فَمَا لَهُ} لمنكر البعث {مِن قُوَّةٍ} يمتنع بها من العذاب {وَلاَ نَاصِرٍ} يدفعه عنه.
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)} {والسماء ذَاتِ الرجع} المطر لعوده كل حين.
{وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12)} {والأرض ذَاتِ الصدع} الشق عن النبات.
{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13)} {إِنَّهُ} أي القرآن {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} يفصل بين الحق والباطل.
{وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)} {وَمَا هوَ بالهزل} باللعب والباطل.
{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15)} {إِنَّهُمْ} أَي الكفار {يَكِيدُونَ كَيْداً} يعملون المكايد للنبي صلى الله عليه وسلم.
{وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)} {وَأَكِيدُ كَيْداً} أستدرجهم من حيث لا يعلمون.
{فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)} {فَمَهّلِ} يا محمد {الكافرين أَمْهِلْهُمْ} تأكيد حسَّنه مخالَفة اللفظ: أي أنظرهم {رُوَيْداً} قليلاً وهو مصدر مؤكد لمعنى العامل، مصغر: رود أو أرواد على الترخيم، وقد أخذهم الله تعالى ببدر، ونسخ الإِمهال بآية السيف أي الأمر بالقتال والجهاد.
|